السبت، 2 ديسمبر 2017

الحلقة (١٥) من شرح ابن مالك

قال ابن مالك رحمه الله "15":
فأعرب ما لم يتصل به نون توكيد أو إناث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعرب الفعل المضارع فإن اتصلت به نون التوكيد الثقيلة أو الخفيفة بني على الفتح، نحو: "ليسجنن وليكونا من الصاغرين"، أو نون نسوة بني على السكون، نحو: "يتربصن" على الصحيح فيهما.
ويبقى على إعرابه إن فصل بين الفعل والنون في اللفظ نحو: "ولا تتبعانّ"، ونحو: "لتبلونّ"، ونحو: "فإما ترينّ"، أو في التقدير، نحو: لتضرُبُنّ يا قوم، ولتضرِبِنّ يا هند.
فإذا اتصلت نون التوكيد بالأمثلة الخمسة بقي على إعرابه على الصحيح، لزوال موجب البناء وهو التركيب قال ابن مالك: "لأن المؤكد بالنون إنما بني لتركبه معها وتنزله معها منزلة صدر المركب من عجزه، وذلك منتف من يفعلان وأخويه". فالاتصال مفقود بوجود هذا الحاجز وليس من كلامهم تركيب ثلاثة أشياء فتجعل شيئا واحدا.
وذهب الأخفش إلى أن المضارع مبني مطلقا عند تأكيده بالنون، لأن التأكيد بها مبعد لمقتضى الإعراب وهو شبه الاسم، لأنها من خواص الفعل. وتعقبه ابن مالك بلزوم بناء المجزوم والمقرون بحرف التنفيس وياء المخاطبة.
وقيل هو معرب دائما اتصلت به نون التوكيد أم لم تتصل وهو أضعفها والصحيح الأول.
أما مع نون النسوة فقد حكى ابن مالك أن المضارع مبني معها بلا خلاف حملا على الماضي المتصل بها، كما ذكر سيبويه، وقيل لتركبها مع الفعل لأن الفعل والفاعل كشيء واحد مع استحقاقه للاتصال لكونه على حرف واحد، وقيل: لنقصان شبهه بالاسم، لأن النون لا تلحق الأسماء. 
أما نفيه للخلاف فقد تعقبه أبو حيان بأن جماعة من النحاة منهم ابن درستويه والسهيلي ذهبوا إلى أنه معرب تقديرا، قالوا: لأن الإعراب قد استحق في المضارع، فلا يعدم إلا بعدم موجبه، وبقاء موجبه دليل على أنه معرب كما كان قبل النون، إلا إنه كان قبل دخول النون ظاهرا، وهو معها مقدر، منع من ظهوره ما عرض فيه من الشبه بالفعل الماضي بالنون التي لحقته.
وجمهور العلماء على أنه مبني، قال أبو حيان: واحتجوا بأنه لما لحقته النون تعارض فيه شبهان، شبه بالاسم من حيث الإبهام والتخصيص، وشبه بالماضي من الوجه الذي ذكره سيبويه، وهذا يرده إلى أصله، ويجذبه إلى جنسه، فانبغى أن يغلب عليه هذا لأنه أولى، وإذا غلب حكم هذا فليس إلا البناء لأن البناء أصل الفعل، فأدنى شيء يرده إليه، والإعراب فيه خروج عن الأصل.
الأستاذ/ محمد صالح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق