الأحد، 26 نوفمبر 2017

مقتضيات محبة الله



اعلم رحمك الله أن أعظم مقتضيات محبة الله: أن تقوم بالقسط لا تُجامل أحداً في دين الله.
وإذا رأيت من يخبط في دين الله خبط الجهالة، أو يزل فيه زلل المجتهد = فلا تأخذك في دين الله لومة لائم، ولا ترعى خاطر أحد في جنب الله.
ولما قيل لشيخ الإسلام: أجُعلت محتسبا على الفتوى؟
قال لهم: يكون على الخبازين و‍الطباخين محتسب ولا يكون على الفتوى محتسب ؟!!
هذا هو طريق أهل العلم والدين وأولياء الله الصالحين.
وبلا شك فإن الباطل يُعمي عن الحق ويُضل عنه، والعملة الرديئة تقوى كثيرا حتى تطرد العملة الجيدة.
نماذج البغي والعدوان في نقد الناس سواء كانت من المداخلة أو من منحرفي السلفيين أو من قليلي الورع الوالغين في أعراض الخلق من غيرهم من الطوائف= نماذج الاعتداء هذه من مصائبها أنها توهم الناس أن باب النقد والتحذير وجرح أهل الباطل باب مسدود كل من يسلكه هو من المعتدين.
وهذا من شؤم البدعة وقبح الضلالة أنها تعمي عن الحق.
النبي صلى الله عليه وسلم أعف الخلق وأحسنهم خلقا هو من قال في رجل استأذن للدخول عليه: بئس أخو العشيرة.
وهو من قال في رجل مسلم من الصحابة: صعلوك لا مال له.
لأجل ذلك قال ابن رجب رحمه الله: اعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم ؛ إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص . فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين أو خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة ؛ فليس بمحرم بل مندوب إليه .
وهاهنا أمر مهم: جزء لا يتجزأ من الفساد الواقع بنا اليوم هو تصدر قوم غير مؤهلين لا للكلام في الدين ولا لفقه واقع الدنيا الذي لا بد منه لإقامة الدين، سواء من هؤلاء من كان واعظاً قصاصا ليس من أهل العلم والفقه، أو من كان من أهل العلم في تخصص شرعي محدود لا يؤهله للاجتهاد العام في الدين.
وإذا أردنا ألا نكرر أخطاء من سبقونا فلا بد أن يتقرر الوعي بمنازل الناس وخطورة دخول الرجل فيما لا يحسنه، وخطورة رفع قوم فوق منازلهم، وكل ذلك يكون بعلم وعدل لا يٌبخس الناس فيه أشياءهم.
نعم. يأخذ المداخلة هذه المقدمة فيجرحون بها من لا يستحق الجرح أو يجرحون بما لا يستحق الجرح= لكن هذا لا يعني ترك أصل من أصول الدين لأجل أن قومًا يبغون فيه ولا يأتونه من وجهه.
وكذلك يأتي أهل البغي من طوائف مختلفة فيضعون هذا في غير مواضعه حتى ربما وضعوه للقدح بالباطل في كاتب هذا الكلام، لكن لا بأس لن أرد كيدهم عن طريق هدم أصل من أصول الدين، فقد دعى النبي صلى الله عليه وسلم قريشا واليهود والنصارى للحق من دين إبراهيم ولم يصده عن ذلك أنهم جميعا كانوا ينتسبون لإبراهيم فيكذبون عليه، فلم يحمله توظيفهم الغلط للحق على أن يجحد الحق ويرده.
هذا أصل ضعه بين عينيك فهذه سنوات خداعات وليس من عقل الرجل أن يرفع أقواما حيث رفع سلفهم فأضلوه.
ومن أراد أن يضع يده على سبب من أعظم أسباب نكبتنا التي نعيشها اليوم، فهو هذا السبب: اتخاذ الناس لرؤوس جهال، يكلمونهم بغير علم فيركبون لهم من الضلال والإضلال في فقه الدين ونظر الدنيا ما يهلكونهم به.
الأستاذ/ أحمد سالم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق